أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منعم زيدان صويص - هل ستنتهي ثورات الشعوب العربية إلى فصل الدين عن الدولة؟















المزيد.....

هل ستنتهي ثورات الشعوب العربية إلى فصل الدين عن الدولة؟


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 23:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا أعتقد أن الانتفاضات الحالية للشعوب العربية ستكون ذات فائدة على الإطلاق إذا لم ينتج عنها خطوات ملموسة نحو العلمانية وفصل الدين عن الدولة. ومن الواضح برأيي أن الكوارث التي وقعت والتي تقع الآن في العالم الإسلامي، وخاصة في البلاد العربية، هي نتيجة تسييس الدين وما ينتج عنه من انقسامات وحروب جانبية تضعف الشعوب وتحد من تطلعاتها وتشغلها بمشاكل داخلية عن التطورات المهمة والتقدم العالمي، وقد حان الوقت أن تقتنع الشعوب العربية والإسلامية بذلك.

ويكاد يكون مقتل الإيطالي فيتوريو اريغوني، ناشط السلام والصحافي الايطالي المتعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزه في 15 نيسان ابريل على يد ما سمي بجماعة سلفية جهادية كانت قد اختطفته في قطاع غزة، مثالا واضحا ودرسا صارخا للذين يعتقدون أن المزج بين السياسة والدين مفيد لهم أو للدين. فقد أساء خطفه وقتله والجدل الذي نتج عن ذلك إساءة بالغة للإسلام كدين وعقيدة. ولقد عثر على جثة اريغوني، وهو عضو في حركة التضامن الدولية مع الشعب الفلسطيني، داخل شقة في شمال غزة. وسارعت حكومة حماس إلى استنكار الحادثة واصفة ما حصل بالجريمة "البشعة التي لا تعبر عن قيم ديننا وعاداتنا وتقاليدنا."

وأوضحت حماس أن "الدوافع وراء هذه الجريمة، وان كانت تبدو بشكل فكري معين، تدلل على أيادي ما زالت تتآمر على شعبنا الفلسطيني في غزة وتريد تحقيق حالة من إرهاب لحركة الشعوب العالمية المتضامنة مع قطاع غزة،" وقالت: "إن العدو الصهيوني يبحث في سبل منع أسطول الحرية الثاني من الوصول إلى قطاع غزة بعد أن كان للحملات الدولية التضامنية اثر ودور في خلخلة الحصار المفروض منذ خمس سنوات." ولا أظن أن هذا الشجب وهذه الإدانة خففا من إساءة هذا الفعل الدنيء للإسلام لأن أحداثا كهذه تتكرر يوميا في كافة أنحاء العالم الإسلامي. وكانت المجموعة التي أعدمت اريغوني أطلقت على نفسها إسم "الصحابي الهمام محمد بن مسلمة،" وكانت قد طالبت حركة حماس "بالإفراج عن جميع معتقليها وعلى رأسهم هشام السعيدني، الملقب بـأبي الوليد المقدسي. "

هذا الحدث، وغيره من الأحداث المماثلة التي يندى لها الجبين، تتكرر في كافة أنحاء العالم الإسلامي. فالذي يقتل عنده تبريره الجاهز على أساس ديني، والذي يشجب عنده تبريره الجاهز، أيضا على أساس ديني، فكلاهما يعتمد على أسس أو على الأقل على تبريرات دينية. واللوم في الحقيقة لا يقع على هؤلاء المتطرفين بل على الزعماء الدينيين المسلمين الذين يسمون أنفسهم علماء، فهؤلاء لا يستنكرون أفعالا كهذه بما فيه الكفاية وغاية ما يقولونه أنهم لا يؤيدونها، وكأن هذا يبرئهم من الملامة. وأحيانا يقولون أن هؤلاء المتطرفين "مندسّون" ولا يخدمون الدين. وبغض النظر فيما إذا كان هؤلاء مندسين أم لا يجب على المجتمعات الإسلامية الاعتراف بالتقصير والخطأ والعمل على محاربة هذه الأفكار وتنوير الأجيال الجديدة وتثقيفها فالمجتمع هو المسئول عن هذه الحالات الشاذة.

في كل بلد إسلامي حركات دينيه، وهذه الحركات تنقسم وتتكاثر مثل الأرانب حسب مفهوم وتفسير كل واحد منها للنصوص الدينية. وبعض الحركات تعمل لحساب قوى أخرى، إقليميه ودولية، ويدعي أنه يطبق مبادئ الدين. ولولا خلط الدين بالسياسة لأصبح العراق دولة ديمقراطية نموذجية تطبق الشعار الذي رفعه جواهرلال نهرو في الهند خلال حركة الاستقلال: "الوحدة في الاختلاف،" ولولا هذا الخلط لما رأينا الشيعة والسنة يختلفون، ولكانوا مخلصين فقط للعراق لأن النظام الديني في إيران والسنة المتعصبين لن يستطيعوا أن يفرقوهم." ولولا خلط الدين بالسياسة لما حصل ما حصل في الصومال على مدى العقود الماضية، ولولا خلط الدين بالسياسة لما حصلت الحرب الداخلية في السودان مند الثمانينات ولما انفصل جنوب السودان عن شماله. ولولا خلط الدين بالسياسة لما تأخرت أفغانستان عن ركب الحضارة ألإنسانيه ولما حصل ما حصل، ويحصل الآن، من قلاقل ونزاعات في باكستان. فالأخبار تتحدث كل يوم عن هجمات انتحارية في باكستان ينفذها أطفال. وبحسب الاستخبارات الباكستانية، فان المئات من الأطفال يخضعون لغسيل الدماغ من قبل عدد من جماعات حركة طالبان باكستان، في المناطق التي تديرها القبائل.

ويفيد تقرير نشر في 18 ابريل/نيسان أن 350 إلى 400 انتحاري، العديد منهم من المراهقين، يتم تدريبهم من قبل جماعات طالبان في شمال وزيرستان في باكستان. وقال باكستاني متخصص في شؤون الهجمات الانتحارية في معهد السلام في إسلام آباد "إنهم يبقون المراهقين في عزلة بعيداً عن الناس، ولا يسمح سوى لثلاثة أو أربعة أشخاص بلقائهم". ويقول التقرير إن عدد الأطفال الباكستانيين الذين تلقوا تدريباً قتالياً بلغ نحو 5 آلاف طفل وتم تدريبهم أيضاً على العمليات الانتحارية. ويقول بعض المحللين إن "بعض المراهقين يأتون من مدارس تقوم بإعطائهم صورة مشوهة عن الإسلام، وكثيراً ما يكون هؤلاء من الجهلة في أمور الدين." ويقول التقرير أيضا إن هؤلاء المراهقين يخضعون "للمزيد من غسل الدماغ في مراكز تدريب حركة طالبان باكستان، فيتم تعليمهم عن الجهاد سبيلاً للفردوس عبر قتل الكفار." ويشاهد الصبية "أشرطة مصورة حول قتل مسلمين من قبل غير المسلمين في أفغانستان ومنطقة الشرق الأوسط، ويقنعهم المدربون أن حرباً تشن على الإسلام."

في سنة 1924 أعلن مصطفى كمال أتاتورك في تركيا فصل الدين عن الدولة ممهدا لتطور وتقدم الشعب التركي. وها نحن نشهد ثمرة هذه السياسة الآن، فقد أصبحت تركيا دولة متقدمة وقوية ومهمة في هذه المنطقة من العالم. ومع أن الحزب الحاكم في تركيا الآن يقول بأنه حزب إسلامي إلا أن رجب طيب أردوغان ما انفك يؤكد أن تركيا دولة علمانية وأن الإسلام هو دين وثقافة تميز المسلمين عن غيرهم. والعلمانية ليس معناها تجاهل الدين أو محاربته، فالدين يبقى الأساس الثقافي والروحي للبلاد، فلا غضاضة في ذلك لأن الشعوب لا يمكن أن تتخلى أو تنسى ثقافتها والعوامل الأخلاقية والروحية التي تشكل قوة الدفع لتقدمها ورقيها. ولكن هذا ليس معناه التعصب والتزمت وتجاهل أفكار الآخرين ومعتقداتهم وتفسير كل شيء والتعامل مع كل شيء على أسس دينية. فالناس يستمدون من تراثهم الأخلاق الحميدة والمبادئ الإنسانية التي تؤسس للحضارات، ولكن الأديان والمعتقدات يمكن أن تستغل من قبل بعض الشعوب والمجتمعات لاضطهاد الآخرين وفرض سياساتهم وآرائهم عليهم وصم آذانهم عن كل رأي آخر.

شيئان يجب أن لا يختلطا بالدين وهما السياسة والعلم لأنهما يخضعان للمساءلة ومعرّضان للتغيير. فالسياسة تتغير وتتطور حسب تطور الأوضاع المحلية والإقليمية والدولية وأحيانا تخضع لاعتبارات وتكتيكات لا أخلاقيه. وإذا أخطأ السياسيون فإنهم يحاسبون على ذلك ولكن بشكل عام لا أحد يجرؤ على أن يلوم الدين ومبادئ العقيدة التي تؤمن بها أعداد كبيرة من الناس والتي يصعب تغييرها.

وما ينطبق على السياسة ينطبق أيضا على العلم ونظرياته، فهي قابلة للشك والتغيير، فكم من نظرية علمية تُقبل ثم ترفض نتيجة للبحث والتمحيص. وبشكل عام فإن الدين مبني على الإيمان والعلم مبني على الشك، على عكس ما يقوله بعض السياسيين لخداع شعوبهم، فهم يدعون أن أنظمتهم مبنية على العلم والإيمان، ولا ندري ماذا يعنون بالضبط بالعلم وماذا يعنون بالإيمان. ولو أن العلم والمعرفة بقيا خاضعين لرجال الدين المسيحي في أوروبا لما حقق العالم التقدم الذي حققه والذي استمر في تحقيقه. وفصل الدين عن الدولة، خاصة في هذا العصر، هو في الحقيقة خدمة للدين ولبقائه نقيا. وقد وصلت الإساءة للدين مستوى عاليا في العقود الأخيرة، فكثيرون ينشئون مؤسسات لتفسير الحقائق العلمية على أساس ديني، وهناك جامعة متخصصة في هذا الموضوع في اليمن يديرها الشيخ عبد المجيد الزنداني، الذي كشف حديثا "عن نجاحه بمعية فريق بحثي طبي متخصص في علاج عدد من الحالات المصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) بينهم حالات لسعوديين ويمنيين وأجانب مصابين بالفيروس. ورغم رفضه الكشف عن تركيبة هذا الدواء الذي أطلق عليه اسم (إعجاز 3)، إلا أن الزنداني اكتفى بالإشارة إلى أن اكتشافه جاء نتيجة الاستنباط من حديث نبوي شريف."

ليس هناك ما يدل على أن حركات التحرير الجديدة في البلاد العربية حركات إسلامية، ولو أن بعض المنظمات الإسلامية اشتركت بها. وليس هناك ما يدل على أن الأحزاب الدينية ستتسلم السلطة في البلاد العربية، فالذين قادوا هذه الحركات هم الشباب الواعون المتفتحون الذين هم جزء لا يتجزأ من حركة التقدم العالمية، فهم لا يقلّون اطلاعا وثقافة عن أترابهم في بقية بلاد العالم. إن الفجوة بينهم وبين الأجيال التي سبقتهم عميقة بحيث أنه من المستحيل أنهم سيقبلون أو سيطبقون أفكار من سبقوهم. وأنا أميل إلى الاعتقاد بأن هؤلاء الشباب الثائرين الذين يتبعون الطرق السلمية الديمقراطية في التعبير عن مطالبهم والذين يضحون بحياتهم في سبيل التحرر والتقدم وتخليص شعوبهم من الظلم والتهميش هم الذين سيخلّصون المسلمين من الحركات الإسلامية المتطرفة ومن التكفيريين والانتحاريين.

إن ما تحتاجه الشعوب العربية والإسلامية هو التنوير، فالنور يطرد الظلام والظلامية. إن الثقافات في عالم اليوم لا تقاتل بعضها وإنما تكمل بعضها البعض. فكلما اتسعت مدارك الإنسان استطاع أن يستوعب ثقافة غيره، فما اصطلح على تسميته بالحرب الثقافية والسيطرة الثقافية غير مقبول وغير موجود أصلا إلا في أدمغة عديمي الثقة بالنفس.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب بشار الأسد -- إهانة بالغه للشعب السوري
- حسن نصر الله لا يؤيد احتجاجات الجماهير في -دول الممانعة-
- القذافي وصدام حسين والثورة في التفكير العربي
- الشعب الليبي يثور على القذافي -- هل يتحقق الحلم؟
- الظلامية والتخلف في العالم العربي تراجعا خطوة إلى الوراء
- قناة الجزيرة وعقدة الحرب الصليبية
- سوريا ولبنان و-قلب العروبة النابض-
- لماذا يصر العرب على تسليم العراق لإيران؟
- ردود الفعل على انفجار الإسكندرية -- المقاربة الخاطئة لمعالجة ...
- فضائية الحوار المتمدن
- دفاعا عن الحكام العرب!
- رأيٌ في الحجاب
- كيف ستؤثر لبرالية الغرب الدينية على المسلمين في عصر الانترنت ...


المزيد.....




- القمة الإسلامية بغامبيا تختتم أعمالها بـ-إعلان بانجول- وبيان ...
- قادة الدول الإسلامية يدعون العالم إلى وقف الإبادة ضد الفلسطي ...
- مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد ال ...
- بعد مظاهرة داعمة لفلسطين.. يهود ألمانيا يحذرون من أوضاع مشاب ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف ميناء حيفا بصاروخ -الأرق ...
- يهود ألمانيا يحذرون من وضع مشابه للوضع بالجامعات الأمريكية
- المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف ميناء حيفا الإسرائيلي بصاروخ ...
- المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها ...
- الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة
- أقباط مصر يحتفلون بعيد القيامة.. إليكم نص تهنئة السيسي ونجيب ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منعم زيدان صويص - هل ستنتهي ثورات الشعوب العربية إلى فصل الدين عن الدولة؟